Wael Ghonim - وائل غنيم أفكار غير تقليدية (١): Teach for America
في عام 1989 كتبت ويندي كوب بحثا أثناء دراستها البكالريوس في جامعة برنستون الأمريكية، تضع فيه فكرة غريبة لمواجهة المشكلة المتزايدة في النقص الحاد في أعداد المعلمين أصحاب الكفاءات في المدارس الموجودة بالأحياء الفقيرة.
قامت فلسفة الفكرة التي قدمتها ويندي على أن أحد أسباب تدهور التعليم في الأحياء الفقيرة هو نقص الكفاءات وعجز المدارس عن توفير المدرسين، فكان الحل الذي تراه هو أن يتم إقناع عدد كبير من المتفوقين من خريجي الجامعات الأمريكية الشهيرة للعمل لمدة عامين في بداية حياتهم الوظيفية في مجال تعليم الأطفال في المدارس النائية أو الموجودة في الأحياء الفقيرة!
لم تستسلم ويندي للإحباط حينما أخبرها البعض باستحالة نجاح فكرتها المجنونة. كانت تساؤلاتهم حينذاك مشروعة: فما الذي سيجعل الخريج المتفوق يُقبل على التدريس في مناطق نائية وفقيرة؟ وكيف يمكن توفير دخل مادي لهؤلاء الخريجين يضاهي ما قد يحصلون عليه في مجال عملهم؟ بالإضافة للعديد من المخاوف المتعلقة بنقص خبرة هؤلاء في مجال التربية والتعليم. والسر وراء عدم استسلامها كان أنها كانت تعلم الأثر الكبير الذي قد يتركه ما تقوم به على حياة هؤلاء الأطفال الفقراء، وتأثير ذلك على المجتمع بشكل عام. رأت وقتها ويندي أن معلما واحدا في هذه المبادرة قد يؤثر إيجابيا في حياة مئات الأطفال فيسهم هذا المعلم في صناعة قادة المستقبل.
وضعت الشابة ويندي كوب ابنة الواحد وعشرين عاما خطة عمل طموحة فأسست مع آخرين مؤسسة غير ربحية تهدف لجعل الفكرة واقعا على الأرض. أسمتها: Teach for America أو "عَلِّم من أجل أمريكا".
في العام الأول من بدأ المؤسسة تقدم أكثر من 500 متخرج جامعي للمبادرة، وتضاعفت أعداد الراغبين في التقدم للمؤسسة التي تخرج من برنامجها أكثر من 24 ألف شخصا منهم 7 آلاف شخص قرروا الاستمرار في مجال التعليم، حتى وصل في عام 2012 وحده أكثر من 48 ألف متقدم تم قبول 5800 متقدم منهم للبرنامج يغطون أكثر من 46 منطقة مختلفة بالولايات المتحدة ويأتون من جامعات عريقة مثل جامعات بيركلي وميتشيجان وDuke وفيرجينيا.
تقوم المؤسسة باختيار المتقدمين عبر اختبارات نموذجية لقياس مدى كفاءة وقدرة وملائمة الأشخاص للقيام بتلك الوظيفة السامية، ثم يحصل كل من تم قبولهم على تدريب مكثف لمدة خمسة أسابيع ليصبح قادرا على تعليم الأطفال. ويحصل كل متقدم عن أجر أقل من الأجر الذي قد يحصل عليه لو بدأ في العمل مباشرة.
الدور الاجتماعي الرائع الذي يساهم به خريجو Teach for America، جعل الكثير منهم يحصلون على فرص وظيفية أفضل بعد انتهائهم من التدريس خاصة لما أثبتوه من قدرة على التحدي والتضحية من أجل الآخرين. كما أن جولة قصيرة لبعض شهادات من شاركوا في تلك المبادرة تجعلك تُدرك حجم التغيير الإيجابي في حياتهم بسبب تلك التجربة الحية والمؤثرة التي قد غيرت كثيرا من نظرتهم للحياة بشكل عام.
أصبحت Teach for America أحد أهم المؤسسات التي تساهم في تطوير التعليم في الولايات المتحدة، وحصلت على دعم الكثير من المؤسسات غير الربحية المهتمة بالتعليم، بالإضافة إلى أنها حصلت في 2011 على دعم من وزارة التعليم الأمريكية باعتبارها أحد أهم الحلول الإبداعية لعلاج مشكلة التعليم هناك.
فكرة Teach for America ليست غريبة علينا في مصر حيث أنه يوجد بالفعل في وطننا الكثير من المتطوعين الذين يعملون في مجال التدريس في المناطق الفقيرة ويساهمون في تعليم الأيتام والفقراء سواء داخل المدارس أو خارجها، ولذلك قد يكون من الرائع الاستفادة من تلك التجربة المؤسسية التي خاضتها ويندي كوب ورفاقها، في جمع ذلك في كيان واحد يزيد من الزخم الخاص بالفكرة ونسبة المشاركة فيها، واستقطاب كفاءات أفضل وأكثر قدرة بحيث تصبح هذه الفكرة واحدة من الأفكار غير التقليدية المؤثرة التي ستسهم في تطوير التعليم في وطننا.
ما رأيكم؟
|